طاجيكستان و الكويت: علاقات قوية و متينة
مواضيع ذات صلة
إنّ الشعب الطاجيكي يعد من أقدم شعوب آسيا الوسطى، ومن منطلق ماضيها المشرف في صناعة الحضارة، وتجربة إدارة الدولة كان محل عناية ودراسات أكاديمية من قبل عدد من العلماء والباحثين في العالم، ولا شك أن أهم وأعظم دراسة شاملة في هذا الجانب تتمثل في كتاب «طاجيكان» أي «الطاجيك» للأكاديمي باباجان غفوروف، الذي أبرز مكانة هذا الشعب أمام سائر الأمم من خلال الأدلة والبراهين التاريخية الدامغة.
أن الشعب الطاجيكي تربطه بالشعب العربي علاقات تاريخية تقليدية تتسم بالود والاخاء والقواسم الثقافية المشتركة فكم من كوكبة من العلماء الأجلاء من أصول طاجيكية مثل صاحب «الجامع الصحيح» الامام البخاري والفقيه المفسر أبي الليث السمرقندي وصاحب المذهب الحنفي الامام الأعظم أبي حنيفة النعمان والعلامة أبي الريحان البيروني والطبيب الفيلسوف شيخ الرئيس أبي علي بن سينا وصاحب «احياء علوم الدين» أبي حامد الغزالي، رحمهم الله جميعا، تدين لهم الحضارة الاسلامية وقد تركوا لنا تراثا قيما بالعربية تنتفع به الأمة الاسلامية وسائر الأمم في هذه المعمورة.
واليوم تجدون أن طاجيكستان قد أصبحت تنطلق من هذا العمق التاريخي الزاخر لتقيم علاقات تعاون مثمر مع الدول العربية، ومنها الكويت الشقيقة التي يعد تعزيز العلاقات معها من أولويات سياساتنا الخارجية، وان طاجيكستان اذ تعتبر الكويت في الظروف الراهنة شريكا معتمدا عليها في تحقيق النماء والتقدم، ظلت تبدي بالغ الاهتمام بتنمية علاقاتها معها وارساء قاعدة حقوقية صلبة يبنى عليها التعاون الاستراتيجي بين طاجيكستان والكويت في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والعلوم والتكنولوجيا والثقافة والاعلام، بالاضافة الى تعزيز الحوار السياسي من خلال عقد لقاءات قمة منتظمة.
و لدي البلدين إمكانيات متعددة لتوسيع العلاقات الثنائية الأخوية المتميزة النموذجية تعود بالخير والبركة والمنفعة المتبادلة على كلا البلدين.
وانه لمن بواعث الرضا والارتياح أن علاقات التعاون القائمة بين طاجيكستان والكويت أخذت تتوسع رقعتها لتنحو منحى ايجابيا تصاعديا تتحقق به التنمية المستدامة التي ننشدها في هذه المرحلة بالذات.
لقد شهدت السنة الجارية تطورا ملحوظا في مسار علاقاتنا الثنائية يبعث الأمل في نفوسنا بمستقبل نتطلع اليه معا،
وفي هذا السياق، انعقدت الدورة الأولى للجنة الحكومية الكويتية – الطاجيكية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والفني وجرت اجتماعات هذه الدورة في العاصمة الطاجيكية في جو من التفاهم والثقة المتبادلة وناقشت المجموعة الكبيرة من ملفات التعاون في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والمالية والاستثمارية وقطاعات التعليم والصحة والثقافة.
و تجدر الإشارة الى أن هناك فرصة كبيرة للغاية لاقامة تعاون مثمر في المجالات الواعدة كالطاقة وادارة موارد المياه والصناعة والزراعة والسياحة لا سيما السياحة العلاجية في المنتجعات الطبيعية الطاجيكية الفريدة من نوعها في العالم.
اليوم تمضي هذه العلاقات بخطى ثابتة إلى المستقبل المشرق بالعزيمة والإرادة القوية والأهداف النبيلة، وفي هذا الدرب يستلهم الشعب الطاجيكي من ماضيه المجيد ومن إنجازات حققها الشعب الكويتي اليوم وغيره من الشعوب الصديقة والشقيقة، وليس من العبث أن تكون الكويت قبل 21 سنة في فجر استقلال طاجيكستان الوطني في شهر إبريل من عام 1995 المحطة الأولى لزياراتي الرسمية إلى البلدان العربية، إذ إن خبرة الكويت في إقامة المجتمع النموذجي، وفي مسيرة البناء والعطاء وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، وتوفير الأمن والرفاهية لكل فرد في المجتمع، أعترف بها كخبرة جديرة بالاستحسان والتأسي .
و يستحقّ الذكر ان بمتانة العلاقات بين البلدين، وأنه يقام هذا التجمع بالاحتفال بالذكرى الـ25 لاستقلال طاجيكستان الوطني، وإعلان الكويت عاصمة للثقافة الإسلامية للعام 2016، وهذا سبب الزيارة الرسمية للرئيس الطاجيكي و سيكون فاتحة خير لتعريف الشعبين الشقيقين بتاريخ وثقافة وحضارة البلدين الصديقين، والعمل على تنمية هذه العلاقات إن شاء الله.
بلا شك إن زيارة الرئيس الطاجيكي ستسهم في تعزيز أواصر التعاون العلمي والثقافي بين البلدين .
هذا ليس بغريب على الطاجيك الذين هم أحفاد علماء قدموا الكثير للأمة الإسلامية، وساهموا في نهضتها ونرى في هذه الزيارة حدثا مميزا في مسيرة العلاقات الثنائية ، كما أننا نرى أن العلاقات المتميزة بين دولة الكويت وجمهورية طاجيكستان نتاج طبيعي لتوافق الرؤى والأهداف المشتركة المتجذرة في هويتنا الإسلامية، وهذا ما نطمح أن تكون هذه الزيارة المباركة فاتحة خير للمزيد من التعاون بين بلدينا.
إنّ العلاقات المتينة والوطيدة التي تربط الكويت و طاجيكستان في كافة المجالات، وتقوم على الثوابت الدينية والثقافية المشتركة، التي كان لهم دور كبير في تعزيزها وتطويرها لخدمة المصالح المشتركة، و هذه الزيارة الكريمة تأتي لتؤكد عمق ومتانة العلاقات المميزة، لاسيما ما شهدته الآونة الأخيرة من تبادل زيارة الوفود السياسية والاقتصادية والإعلامية بين البلدين، آملين أن تفتح هذه الزيارة الباب لخلق فرص وآفاق للتعاون العلمي والثقافي المستقبلي مع الجامعات والمراكز البحثية في جمهورية طاجيكستان.
الحق ان الكويت كانت بالنسبة لجمهورية طاجيكستان منذ فجر استقلالها الوطني بلدا نموذجا حري بنا أن نقتدي به في عملية التطور والتقدم. كما أن الكويت اهتمت قبل غيرها من الدول العربية بإقامة علاقات طيبة مع بلدنا حيث ان أول وفد عربي موفد الى طاجيكستان كان وفدا حكوميا رفيع المستوى من الكويت، و يجب التاكيد بذلك بالغ اهتمام بتوثيق العلاقات الثنائية والانتفاع بتجربة الكويت الرائدة في التنمية.
ان طاجيكستان تتوخى الكثير من هذه الزيارة وتأمل في النتائج المثمرة للقمة الكويتية الطاجيكية المرتقبة التي من شأنها أن تعطي دفعة قوية لعجلة التعاون فيما بيننا الى الأمام ونحن من جانبنا حريصون على تحقيق الإنجاز التاريخي في علاقاتنا الاقتصادية والتجارية.
الاستثمار في طاجيكستان
وفي الظروف الراهنة حيث يزداد الطلب على مياه صالحة للشرب سيكون من الأهمية بمكان أن نعطي الأولوية في الانتفاع المشترك من موارد مائية هائلة تمتلكها طاجيكستان.
كما في الوقت نفسه نولي أهمية قصوى للتطوير البنيوي للاقتصاد وتكييفه على متطلبات العصر وتحديث المنشآت الصناعية العاملة عن طريق جذب الاستثمارات الخارجية وإدخال التقنيات الحديثة.
في طاجيكستان الكثير من فرص الاستثمار من خلال المشاركة في تنفيذ المشروعات العقارية وانتاج المواد الانشائية والسلع الاستهلاكية القابلة للمنافسة في الأسواق المحلية والعالمية.
و نحن على ثقة بأن المشروعات في هذه المجالات الحيوية ستستقطب اهتمام المستثمر الكويتي و طاجيكستان من جانبها على أتم الاستعداد لدعم اية مبادرة بناءة في هذا الاتجاه.
واليوم في طاجيكستان أربع مناطق اقتصادية حرة، منطقتان منها قد دخلت حيز العمل بكامل المرافق والطاقات وتتمتع هذه المناطق بظروف مواتية متميزة للأنشطة الاقتصادية والتجارية والمالية والاعلامية والخدمية يمكن لرجال الأعمال والمستثمرين والتجار من الكويت أن ينتفعوا بالامتيازات المتوافرة فيها.
و المجال الآخر الذي قد يثير اهتمام الاخوة من الكويت هو المشاركة في تنفيذ المشروعات الصغيرة والكبيرة في مجال البنية التحتية والنقل والمواصلات وكل هذه المشروعات ذات الماهية الإقليمية و الدولية تحمل منافع كبيرة للمستثمر فيها والهدف النهائي من تنفيذ هذه المشروعات هو توسيع امكانيات المرور والوصول الى الموانئ الخليجية وأسواقها.
وان طاجيكستان مهتمة بالغ الاهتمام باستقطاب الامكانية المالية الكويتية الى تنمية المجالات المشار اليها آنفا واقامة مشروعات استثمارية وانتاجية مشتركة.
لقد توافرت في طاجيكستان كل الظروف الضرورية والمناخ الملائم الآمن لممارسة الأعمال والاستثمار في الاقتصاد حيث البلد منذ فجر الاستقلال الوطني تبذل لايجاد نظام اقتصادي جديد مبني على مبادئ المصلحة الاقتصادية المشتركة والمنافع التجارية المتبادلة و اصلاحات مرحلية فيها بما يتوافق مع متطلبات الزمن.
واليوم يتمتع طاجيكستان بوضع اقتصادي واجتماعي مستقر ومن أبرز معالمه العلاقات الاقتصادية المفتوحة الشفافة والمناخ الاستثماري المتميز.
ولقد إتّخذت طاجيكستان نظاما اقتصاديا وماليا حرا يساهم في تنشيط التجارة وتسهيل التصدير والاستيراد وتداول العملة الوطنية المتاحة للصرف وقد تم لدينا سن تشريعات ذات العلاقة تنص على تقديم امتيازات كثيرة حسب حجم الاستثمار، كما أن هناك مجالا واسعا لحرية التنافس وأن حقوق ومصالح المستثمر مرعية تماما سواء كان ذلك المستثمر وطنيا أم أجنبيا. ومن حيث مبادئ الاقتصاد الحر فإن أسواق طاجيكستان مفتوحة أمام المستثمر الكويتي و طاجيكستان على استعداد لتوفير كل الظروف الممكنة لاقامة تعاون متبادل المنفعة.