صاحب السموّ الشيخ/ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، ولي العهد لدولة الكويت،
رؤساء الوفود المحترمين،
السيدات والسادة!
في البداية، أود أن أعرب عن امتناني لدولة الكويت ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، وكذلك سائر الشركاء الدوليين لعقد هذا المؤتمر الدولي الهام.
وباسم وفد جمهورية طاجيكستان، أرحب بجميع المشاركين في مؤتمر اليوم.
ونحن كمؤسسين لـ “مسار دوشنبه لمكافحة الإرهاب وتمويله”، نرحب بمبادرة عقد الدورة التالية للمؤتمر في إطار هذا المسار لأول مرة خارج طاجيكستان.
ونعتبر مرحلته الكويتية عاملا فعالا في تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب وإنشاء آليات حدودية فعالة.
إن شراكتنا في هذا السياق هي أنموذج للمسؤولية المشتركة، وهي ضرورية ومُلحة للغاية من أجل مقاومة الإرهاب في الظروف الجيوسياسية الراهنة.
وسيعمل مؤتمر اليوم على توسيع مساحة وفاعلية “مسار دوشنبه لمكافحة الإرهاب وتمويله”.
ولا شك أن هذا المؤتمر سيسهم في تنسيق وتعزيز التعاون على المستوى الدولي، خاصة بين دول ومناطق آسيا الوسطى ومجموعة الدول العربية، وإفريقيا ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان).
مشاركي المؤتمر الأعزاء،
إن طاجيكستان بصفتها صاحبة المبادرة لإطلاق “مسار دوشنبه” تؤكد من جديد التزامها بالتعاون مع الأمم المتحدة والشركاء الدوليين الآخرين.
لقد بات الإرهاب والتطرف ومظاهر العنف يشكل اليوم تهديدا عالميا مما يثير القلق لدى البشرية جمعاء.
إن نشر الأفكار المتطرفة وإثارة الكراهية والصراع الديني في المجتمع واستقطاب الشباب لارتكاب الجرائم الإرهابية أصبح سلاحاً واقعياً للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة، التي من خلال تعزيز أنشطتها باستخدام هذه الوسائل تسعى لتغيير الأنظمة الاجتماعية والسياسية لهذا البلد أو ذاك عن طريق العنف.
كما أن هذه المنظمات والجماعات تستخدم اليوم على نطاق واسع قدرات تكنولوجيات المعلومات المتقدمة أثناء تنفيذ أهدافها الشنيعة.
ومن الضروري أن يهتم المسؤولون والخبراء بهذا الموضوع وأن يتخذوا التدابير الفعالة حيال ذلك.
وإن مسألة منع التطرف، وخاصة بين الشباب، تتطلب اتخاذ تدابير خاصة.
وفي هذا السياق، فإن البرامج التعليمية والمشاريع الاجتماعية التي تتضمن الفرص الاقتصادية ويمكن أن تساعد في الحد من مخاطر التطرف هي تعتبر أدوات مهمة في هذا المسار.
وفي الوقت نفسه، فإن تفعيل التدريبات المهنية في مجال التكنولوجيات الحديثة سيلعب دورا فعالا للغاية في تعزيز قدرات وكالات إنفاذ القانون وأجهزة الاستخبارات من خلال التدريب والدعم الفني.
الحضور الكريم،
إن التحديات الأمنية التي نواجهها اليوم لا تتطلب منا الإرادة القوية فحسب، بل وأيضاً القدرة على التعاون على المستوى العالمي.
ولن نتمكن من تحقيق النجاح في مكافحة الإرهاب والتهديدات التي يشكلها إلا من خلال التعاون الدولي الواسع والمنسَّق.
وإن تصاعد وتيرة الإرهاب والتطرف والجرائم المنظمة العابرة للحدود الوطنية وتهريب بالمخدرات والجرائم الإلكترونية لا يزال يهدد الأمن الدولي.
فبناء على ذلك، إلى جانب مواجهة هذه التهديدات، يجب علينا أن نقوي تنسيق إجراءاتنا من أجل تعزيز السلام والاستقرار والأمن.
وفي هذا السياق، فإن تبادل المعلومات والخبرات المتقدمة من شأنه أن يلعب دورا هاماً في هذا المضمار.
وإن زيادة تنسيق العمليات على المستويين الإقليمي والعالمي، وإنشاء آليات معتمدة للاستجابة السريعة للمخاطر والتهديدات الأمنية سوف تدعم مواجهة هذه المخاطر والتهديدات بشكل جماعي.
فانطلاقاً من ذلك، فإن طاجيكستان تدعم موضوع اعتماد معاهدة مكافحة الإرهاب الدولي. وإننا نرى ضرورة استكمال عملية التفاوض بهذا الشأن في أقرب وقت ممكن.
الأصدقاء الأعزاء،
إن الجماعات الإرهابية تحرص وتعمل باستمرار على اختراق الحدود بغية توسيع نطاق أنشطتها المدمّرة.
ومن المهم للغاية بالنسبة لطاجيكستان ضمان حماية موثوقة لحدود الدولة وإيجاد الفرص لمزيد من تعزيزها.
وتتخذ جمهورية طاجيكستان جميع التدابير اللازمة لتعزيز آليات أمن الحدود.
وتساهم بلادنا، بالتعاون مع شركائها، في إنشاء الآليات التي تساعد على منع تهريب الأسلحة والمخدرات وتمويل الإرهاب.
واليوم، أصبح من الواضح أكثر من أي وقت مضى أنه لن تنجح أي دولة في التعامل مع هذه التهديدات بمفردها.
إن طاجيكستان تقف على الخطوط الأمامية لمواجهة الأخطار والتهديدات الحديثة، مثل الإرهاب والتطرف، والاتجار غير المشروع بالمخدرات وغيرها من مظاهر الجرائم المنظمة العابرة للحدود.
وفي هذا الصدد، ندرك جيدا ضرورة تكامل الجهود على الساحة الدولية.
وإن بلادنا لها حضور فعال في الحوار العالمي حول القضايا الأمنية في إطار المنظمات الدولية والإقليمية.
والجدير بالذكر أننا من منطلق خبراتنا المتراكمة في مكافحة التحديات والتهديدات العالمية، قمنا باعتماد استراتيجية مكافحة الإرهاب والتطرف لسنوات2021-2025 والتي يجري تنفيذها الآن.
وفي إطار تفعيل هذه الاستراتيجية، وإلى جانب إنجازات مهمة أخرى، حققت حكومة بلادنا تقدما نحو تحسين آلية الحد من التطرف والراديكالية، وزيادة دور التعليم والمجتمع المدني في هذا المسار.
مشاركي المؤتمر الموقرين،
لقد أوجد “مسار دوشنبه” منصة هامة لجميع أصحاب المصلحة للتعاون العالمي في مكافحة الإرهاب والحوار الشامل وتبادل أفضل الممارسات في هذا الاتجاه.
وستواصل طاجيكستان جهودها في هذا الاتجاه في المستقبل وستعزز التعاون الوثيق مع الشركاء لضمان الأمن والاستقرار الشاملين.
وإن المساهمة في ضمان السلام الدائم والاستقرار والحياة الآمنة في جميع أنحاء العالم هي أحد الأهداف الرئيسية للسياسة الخارجية لدولة طاجيكستان.
وإن اقتراحي في الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة بتبني قرار خاص بإعلان “عِقد تعزيز السلام من أجل أجيال المستقبل” يرمي إلى تحقيق هذا الهدف.
وإننا نتطلع إلى دعم شركائنا لهذه المبادرة.
ونحن على ثقة من أن مرحلة الكويت من مؤتمر مسار دوشنبه ستزيد من تضافر جهودنا الجماعية في مكافحة الإرهاب والتطرف.
وفي ختام كلمتي، أود أن أتمنى لكم النجاح في مواصلة برنامج مؤتمر اليوم.
شكرًا لكم على اهتمامكم.